السلام عليكم ورحمة الله

يقُصُّ علينا القرآن الكريم كثيرا من ألوانِ الامتحانِ المختلفة وإن لم يسمِها باسم الامتحان ، والواقعُ أخي الطالب أننا في امتحانٍ طويلٍ خلال هذه الحياة " من عمل صالحا فلنفسه ، ومن أساء فعليها وما ربك بظلامٍ للعبيد " فيمتحنُ اللهُ عباده بالصحةِ ليرى كيف يستخدمونها ، وبالمال لينظرَ كيفَ يُنفقونه ، وبالجاهٍ ليعلمَ كيف يستعملونه ، والحسابٌ على ذلك كلِّه عند الله العليِّ الكبير ، عن بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " لا تزولُ قدمُ ابنِ آدم يوم القيامة من عندِ ربه ، حتى يُسألَ عن خمس : عن عُمُرِه فيمَ أفناه ، وعن شبابه فيم أبلاه ، وعن ماله من أينَ اكتسبه وفيم أنفقه ، وماذا عمل فيما علم " رواه الترمذي ، لذا فإني أوجه لك أخي الطالب العزيز وأتوجه إليك لأضيءَ لك في طريقكِ الدراسي وامتحانكَ الفصلي ستة إضاءات علّها تكونُ نورا لك في حياتك ، وزادا مُعينا على تقدُمِك ونجاحك ، كما أذكرك بخمسةِ مواقف لن تنجوا في الدنيا والآخرة ما لم تجْتزْها بسلام ، ثبَّتك مولاك إلى أن تصل دار السلام ، وتأتيك التحايا من الملائكةِ بالسلام " سلامٌ عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار "

الإضاءةُ الأولى : التفوق .

اعلم أخي الطالبِ حفظك الله ، أن العلمَ ركيزةٌ أساسيةٌ في بناءِ الحياة ، وما زالَ تأثيره ودوره يتضاعف كلَّما خَطَتِ البشريةُ خطوةً تطوُريَّةً جديدة ، أو اكتشفت أُفُقاً بِكْرا من الآفاقِ المدنية ، وإنك أيها الشاب مدعُوٌ بإثارةِ كوامنِ عقلك بالتفوُّقِ والابتكار في سِباقِ المنافسةِ بين الأمم ، ومن حقك على من سبقوك أن يساعدُوك ويُرشدوك إلى طريقِ التفوُّقِ والنجاح ، وإن من أهم الجوانب التي يتميّزُ بها الطالبُ المتفوق هو إدراكُه أن الاستعدادَ الجيِّدَ للامتحان هو سبيله الوحيدُ للنجاح ، حتى لا يكونُ الامتحانُ له مفاجأة وعليك أخي الطالب أن تفكر في النجاح وستكونُ بإذن الله في مصافِّ الناجحين ، واعلم أن استعدادك لمعالجةِ جميعِ أشكالِ الأسئلة السهلةِ والمتوسطةِ والصعبة يزيدك ثقة بنفسك في حلّكَ للأسئلة بإذن الله ، وعليك إن تعرف الطريقة التي يتمُّ بها تصحيح ورقة الإجابة ، فإنه كلما كانت ورقةُ الإجابة حسنةَ الخط جميلةَ التنظيم ، فإن ذلك له أثره على الأستاذ في التصحيح ، فيهتمُ بتلك الورقة أكثر ويحاول جاهدا إعطاء ذلك الطالب مِثاليةً في التصحيح خاصة إذا عرف الطالب أن المدرس يحوي بين يديه مجموعةٌ كثيرة من الأوراق .

الإضاءة الثانية :الاستعداد المبكر للامتحان .
فبعض الطلاب يؤجلُ الاستعدادَ إلى الأيام الأخيرة من الفصل ، مما يسبِّبُ نوعا من القلق يسمى قلقُ الامتحانات وإن الطالبَ النجيبَ الذي ُحبُّ أن يرتاح وينجح لا بدَّ أن يجدّ ويجتهدَ ويستعدَّ لهذه الاختبارات منذ البداية ، ودعني أهمس بأُّذُنِك بإرشادات تُعينُك على استرداد دروسك :
أولا : ابدأ الدراسة أولا مستعينا بالله ومستعيذا من الشيطان مبتدأ ببسملة الله الرحمن الرحيم .
ثانيا :
حاول أن تجلس الجلسة الصحيحة للمذاكرة ، فدع عنك الاتكاءِ والاسترخاء في جلساتك للمذاكرة ، فابتعادُك عن الإتكاءِ والاسترخاء يعينك على مذاكرتك ويبعدك عن النوم والكسل .
ثالثا :
دعك من كلمةِ سوف ، فإنها سبب كل فشل في هذه الحياة ، بل ابدأ بالعمل ولا تكسل .
رابعا :
خفف من الأكل قدر المستطاع ، واحرص على فتراتِ الراحة .
خامسا :
تجنب السهر لأنه يرهِقكَ بعد فترة إن لم يُرهِقُك الآن فإن السهر يُتعبُ البصر والدماغ والجسم ، مما يؤدي إلى أداء ضعيف للطلاب حينما يريد أن يكتُب الإجابة فالرأس تسمع منه وشيشا ، والعين مُنهكةٌ تريد النوم ، واليدُ ترجُف لا تستطيعُ الكتابة .
سادسا :
اعلم أن فترة الصباح وخاصة بعد صلاة الفجر من أفضل الفتراتِ على الإطلاق للمذاكرة ، خصوصا إذا أديت الصلاةَ مع الجماعة ، والرسول صلى الله عليه وسلم بشَرنا أن صلاةَ الفجر تُطيبُ النفس وتشرح الصدر وتسعد الخاطر وتطرُدَ الشيطان .
سابعا :
تذكر دائما أن التوفيق من عند الله لا من نفسك ، فأكثر من سؤالِ الله أن يوفقك .
ثامنا :
احرص أن تكون نيتُك في تحصيل العلم خالصةً لله عز وجل ، ليُصبحَ جُهدَك فيه عبادة لتؤجر عليها ، وتحصل على التوفيق في الامتحان بإذن الله .

الإضاءة الثالثة : المذاكرة
إن كثيرا من الطلاب يخلطون بين الاسترجاع والتعرف ، وهناك فرق هام بينهما ، فالاسترجاع يحدُث عندما يستعيد الطالب المعلوماتِ من الذاكرة دونَ أماراتٍ أو الماحاتٍ تُساعد على ذلك ، أما التعرف فيحتاج إلى أماراتٍ تساعد عليه ، ومُعظمُ الاسئلة تتطلبُ استرجاعا وليس مجرد تعرف ، إن طريقةَ النجاح أخي الطالب في هذه الحالة أن تستخدم طريقةَ الدرس والاستذكارِ المنظَّم ، التي تُمكِنُكَ من استرجاعِ كلَّ ما درستَه أو معظمَه ، ولا تنس أن تستخدمَ الروابطَ الحسيةَ والمعنوية التي تذكرك بمعلوماتك الدراسية أثناء الامتحان ، كأن تجعل الروابط قصصا أو أرقاما تذكرك بالمعلومةِ والأخرى ، وعندما يَحينُ وقتُ الامتحان سوف يتوافرُ لديك أساسٌ قوي للتعلم والاستذكار .

الإضاءة الرابعة : القلق

إن الأساليبَ الناجحةَ لتجنُبِ حالةِ القلق من الامتحانِ كثيرة ، أذكر لك أهمُها :
أولا : ذاكر دُروسَك بانتظام وِفْقَ مهاراتٍ دراسية منذُ بداية الفصل الدراسي حتى تُحققّ نتائج ممتازة .
ثانيا :
الاعتماد على الله سبحانه وتعالى ، وذلك أن الله تعالى قد أمرنا أن نعملَ ما في وُسعِنا ، ثم نتوكلَ على الله حقَ التوكل بعد القيامِ بواجِبِنا حقّ القيام .
ثالثا :
الثقةُ بالنفس ، فمن يستعدُ للامتحان من أول الفصل الدراسي ويتوكل على الله سبحانه وتعالى لا بد أن تتولّد لديه الثقةُ بالنفس .
رابعا :
أبعد من ذاكرتك أخي الطالب أن الامتحانَ مسألةَ حياة أو موت ، فالامتحاناتُ ما هي إلا اختبارُ قُدرةِ الطالبِ على التحصيلِ الدراسي ، لذلك فكُلُّ طالبٍِ لديه قُدُراتٍ كافية لاكتساب المعرفة ، وعليك أن تنمي هذه القدرات بالاستعداد الجيد والمذاكرة الناجحة وليس بالغش والخداع والبراشيمِ لمواجهةِ أيِّ اختبار كان فيما بعد .
خامسا :
حاول الحصولَ على امتحانات قديمةٍ في نفس المادة ، لتتمرّن عليها فأنت بحاجةٍ إلى معرفةِ طريقةِ الأسئلة وصياغتها كما أنك بحاجة إلى فهمها .

الإضاءةُ الخامسة : كيف تؤدي امتحانا ناجحا ؟

إليك أخي الطالب خمسُ حالات أساسيةٍ لامتحان ناجح :
الحالة الأولى : النوم ، فخذ قِسطا وافرا منه في الليلة التي تسبق الامتحان حتى تدخل الامتحان هادئ الأعصاب ، قويِّ التركيز .
الحالة الثانية :
التغذية ، فعليك أيها الطالب بتناوُلِ وجبة خفيفة قبيل ذهابك للامتحان ، فهي ستزوِّد مُخك بالطاقة اللازمةِ للتفكير ، وستريحُ في الوقتِ نفسه معدتك القلقة ، وتجنبِ الإكثار من القهوة والشاي .
الحالة الثالثة :
الحركة ، إن الحركة والتمارينِ الرياضية من أفضل الأشياء في تخفيفِ التوتُر والقلق ، ويكفي أن تتحرك وتمشي في فناءِ المدرسة خلال الساعةِ التي تسبق الامتحان ، وليس المقصودُ هو إضاعةُ الوقت في التمارين الرياضية
الحالةُ الرابعة :
قبل الامتحان .. وقبل الامتحان حاول أن تمنح نفسك أخي الطالب وقتا كافيا لتذهب إلى الامتحان مبكرا ومن غيرِ عجلة .
الحالة الخامسة من حالات نجاح الامتحان :
أثناءُ الامتحان .. ففي أثناء الامتحان تذكر عند استلامكَ ورقةَ الأسئلة أن لا تنس أن تدعوا بدعاء الكرب ، فقد أخرج مسلمٌ عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب " لا إله إلا الله العظيمُ الحليم ، لا إله إلا الله رب العرشِ العظيم ، لا إله إلا الله رب السماواتِ وربُ الأرض ورب العرش الكريم " ولا تنس الاستعانة بربك ، وتعوذ من الشيطان الرجيم ، وسمِّ بالرحمن ، وليكنْ لك في رسولك صلى الله عليه وسلم قدوة فقد ورد عنه أن إذا أشكل عليه شيء أو استصعب أمرا قال " لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحَزْن إذا شئت سهلا " وكن على ثقةٍ تامة أن الله معك ولن يخيّبَ رجاءك .

الإضاءة السادسة : الغش

أيها الطالب النجيب ، حاول قبل أن تُقدم على الغش أن تفكر في الأمور التالية .
أولا : اعلم جيدا أن الدراسةَ تربيةٌ على الحياة وتأهيل للإنسان للقيام بوظيفته خيرَ قيام والغشُ في الامتحان يُفقدُ هذه التربيةَ معناها ، ويجعل الفرد يتعود على الغش والكذب حتى يخسر دنياه وأخرته ، ويلقى ربه على هذه الحال كما قال الله عن المشركين " ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين * انظر كيف كذبوا على أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون " .
ثانيا :
أن الغش يعوِّدُ الإنسانَ على عدم أخذ الأمور بالجدِّ والحزم والقوة ، والله أمر أنبياءه ورسلَه والمؤمنين بالجد والحزم فقال " يا يحي خذ الكتاب بقوة " والذي يقوم على الغش قد أخذ الحياةَ مأخذا سهلا ، فلن ينجح في أيِّ مسؤولية تلقى عليه أو يُعهدُ بها إليه .
ثالثا :
أهميةُ الشدائدِ في حياة الإنسان ، فالطالب إذا تعرض للامتحان فهذا جزء من تربيته للحياة الدنيا وكذلك لامتحان الآخرة ، ويتعلم من هذا الموقفِ الشديد لذةَ الاستعدادِ المبكّرِ والجد والاجتهاد ، فيعتبر في هذا الموقفِ الصغير موقفه في الحساب يوم القيامة
رابعا :
هب أنك أخي الطالب أقدمت على الغش ونجحت وتخرجت من دراستك ، فإن هذا العمل سيضلُّ يؤذيك ويحزنك كلما تذكرت ، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول " إذا أذنب العبد ذنبا نكتت في قلبه نكتة سوداء " ويقول تعالى عن الكافرين " كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون " فلو تأملت أيها الطالب الأضرار التي ستلحق بقلبك من جراء هذا العمل لما أقدمت عليه ، وأنت بإقدامك على هذا الغش فإنك ستفقد الرقابة الداخلية من قلبك التي فطرك الله عليها ، وإذا فقدت هذه الرقابة الداخلية وقعت في النفاق وهذا من أعظم الأضرار على قلبك .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركات